- إنضم
- 2/7/21
- المشاركات
- 970
- مستوى التفاعل
- 46
- النقاط
- 28
لما ولد موسى عليه السلام ألهم الله أمه أن تجعله في صندوق من الخشب وأن تلقيه في نهر النيل فحمله النهر وأوصله إلى آل فرعون فالتقطوه وفرحوا بهذا الصندوق فوجدوا فيه هذا الغلام فلما رأته امرأة فرعون أحبته حباً شديدا وقالت لفرعون: (لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)؛ ولكن الله سبحانه وتعالى منعه من رضاعة النساء فكان لا يقبل رضاعة أي امرأة من النساء، فلما ضاق بهم الأمر جاءت أخت موسى على خفيه: (فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)، ففرحوا بذلك وأرسلوه معها إلى أم موسى: (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ) فجعلت ترضعه وتأخذ الأجرة من آل فرعون على إرضاعه وشب في آل فرعون يلبس ملابسه ويركب مراكبه ونشأ في آل فرعون كأنه من أبناءهِ إلى أن أختاره الله سبحانه وتعالى لرسالته، أرسله إلى فرعون وأرسل معه أخاه هارون ليعاضده وقال: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، فذهب إلى فرعون بأمر الله جل وعلا: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى* قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى* قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى*) يعني: الأمم السابقة ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى)، عند ذلك طلب من موسى أن يعرض عليه الدليل على أنه رسول فرفع موسى يده فإذا هي بيضاء كالشمس، وألقى عصاه فإذا هي حية تسعى، فقام البرهان الصادق على رسالة موسى عليه السلام بهاتين المعجزتين عند ذلك كابر فرعون، وقال: هذا سحر وعندنا من السحرة من يبطل هذا السحر، ثم طلبوا من موسى أن يحدد يوما للعرض لعرض ما معه وعرض ما مع السحرة ليبطلوه فواعدهم يوم الزينة يوم عيد لهم يجتمعون فيه الناس في الضحى أول النهار، فلما اجتمعوا قالوا للموسى: ألق، فألقى عصاه قالوا لموسى: ألق ألقي ما معك قال: ألقوا أنتم ما معكم أولا فالقوا ما معهم أمتلئ الوادي من الحبال والعصي التي فيها الزئبق فتتحرك كأنها حيات: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) أن يصدقهم الناس قال الله جل وعلا: (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى)، فألقى موسى عصاه فإذا هي تبتلع كل ما في الوادي مما ألقوه وخافوا على أنفسهم أن تداهمهم فطلبوا منه أن يكفها عنهم فأخذها عليه الصلاة والسلام وعادة كما كانت، عند ذلك عرف السحرة أن هذا ليس بسحر وأنه معجزة من آيات الله فأمنوا، أمنوا للموسى عليه الصلاة والسلام وسجدوا لله عز وجل متعبدين لله عند ذلك هددهم فرعون بأن يقتلهم وأن يصلبهم، فثبتهم الله على دينه ولم يعبئوا بتهديد فرعون: (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)، فقتلهم ونفذ فيهم وعيده؛ ولكنهم دعوا الله: قالوا: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) فتوفاهم الله مسلمين عند ذلك تمت الجولة الأولى بين موسى وفرعون وأزداد طغيانه عند ذلك أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر في آخر الليل، فخرج بهم بأمر الله سبحانه وتعالى فلما علم فرعون بخروجهم أحتنق غيظاً وهدد وأرغ وأزبد وجمع ما عنده من القوة والجنود فخرج بهم في آثر موسى وقومه لينتقم منهم، فلما أشرق الفجر إذا موسى وقومه على حافة البحر، وإذا فرعون وقومه على آثارهم قد أدركوهم قال قوم موسى عليه السلام: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) لأن البحر أمامهم والعدو خلفهم، قال موسى عليه السلام: (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فأوحى الله إلى موسى عليه السلام: (أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ) فضرب البحر بعصاه فتجمد وصار طرقاً على قدر قبائل بني إسرائيل اثنى عشر طريقا، على قدر أسباط بني إسرائيل من بين أطباق البحر المتجمدة كأنها الجبال فدخل موسى وقومه مع هذه الطرق اليابسة حتى خرجوا من الساحل الآخر، فتبعهم فرعون وجنوده فلما تكاملوا في البحر أطبقه الله عليهم وأغرقهم أجمعين وموسى وقومه ينظرون إليهم.
فكانت هذه النتيجة أن الله نجا موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، أنتصر الحق وأندحر الباطل في اليوم العاشر من هذا الشهر، شهر الله المحرم فصامه موسى عليه السلام شكرا الله على هذا النصر وهذه النعمة، وصامه بنو إسرائيل من بعده واستمروا على صيامه حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وفيها من اليهود من يصومون يوم عاشوراء فسألهم صلى الله عليه وسلم: لما تصومون هذا اليوم؟ مذكرا لهم وإلا فهو يعلم فضل هذا اليوم وما جرى فيه قالوا: هذا يوم نجا الله فيه موسى وقومه فصامه موسى شكرا لله فنحن نصومه قال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن أحق وأولى موسى منكم فصامه وأمر بصيامه وقال: لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ والعاشر وقال: خالفوا بني إسرائيل صوموا يوما قبله ، فاستقرت السنة، استقر صيامه سنة في هذه الأمة شكرا لله عز وجل لأن انتصار موسى عليه السلام انتصار للمؤمنين في كل زمان انتصار للحق في كل زمان ولأن سنة الأنبياء واحده: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ).
فصار صيام يوم عاشوراء سنة مؤكده أخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية، وأمر صلى الله عليه وسلم بصيامه.
فيستحب لكل مسلم أن يصوم هذا اليوم وأن يصوم يوما قبله اقتداءً بالنبيين الكريمين موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، واغتناما لهذا الأجر فصوموه بارك الله فيكم، اكتسبوا الأجر من الله، إنه هو الغفور الرحيم.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا رحمن، اللهم بارِكْ لنا في القرآن العظيم، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.